جنازة العدالة في الشرق الاوسط

دعوى لدولة جنوب أفريقيا بشأن جرائم الإبادة الجماعية في غزة ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية

             بعد إنتهاء الإنتداب البريطاني على فلسطين سنة 1948، أعلن ديفيد بن غوريون رئيس تنفيذ المنظمة الصهيونية العالمية قيام الكيان الإسرائيلي حيث اعتبر أرض فلسطين أرض تاريخية للشعب اليهودي وإستند على وعد بلفور سنة 1917، حيث اعترف للصهاينة بهذا الحق بعدها فتحت أبواب الهجرة لليهود الشتات من كافة الدول الى أرض فلسطين باعتبارها وطنا لهم من هنا نرى بان اساس ما يسمى دولة اسرائيل هو وعد بريطاني وليس للفلسطنين أي راي أو حق في قيام دولة لهم. ففكرة إسرائيل كانت كهدية من بريطانيا الى اليهود المبعثرين المشتتين في دول مختلفة من العالم فأهداهم البريطاني ما لا يملك وسبب اختيار بريطانيا ارض فلسطين دون غيرها من الدول التي كانت منتدبة من قبلها نظرا لإمكانية ربط أرض فلسطين بعقيدة دينية لليهود. من هنا بدا التجاحف بحق الشعب الفلسطيني حيث زال الإنتداب وبدأ الاحتلال ومن ذلك الحين بدأت المجازر والإنتهاكات الصهيونية بحق الفلسطينين وممارسة التطهير العرقي فكان للشعب الفلسطيني في كل مرة ردة فعل عبر مقاومة فلسطينية شعبية وصولا الى عملية طوفان الاقصى التي شنتها فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وعلى راسها حركة حماس عبر ذراعها العسكري كتائب الشهيد عز الدين القسام في صباح يوم السبت الذي يصادف السابع من اكتوبر 2023.

بدأت العملية بإطلاق فصائل المقاومة في قطاع غزة عشرات الصواريخ نحو إسرائيل، ثم تمكنت المقاومة الفلسطينية من اقتحام المستوطنات الإسرائيلية القريبة من القطاع وأسر العشرات من الإسرائيليين وذلك رداً على سلوك الإحتلال الصهيوني الوحشي أي تعذيب الأسرى الفلسطينيين في سجون الإحتلال وفرض ضغوط وقيود شديدة على الشعب الفلسطيني وطغيان حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة في ظل صمت المجتمع الدولي.

بعد ذلك إنتشرت المجازر الإسرائيلية بحق الفلسطينيين مما أدى إلى نزوح أكثر من مليون ونصف فلسطينيي وإرتقاء أكثر من 30 ألف شهيد و70 ألف مصاب معظمهم من الاطفال والنساء والشيوخ ما عدا المفقودين ولم تكتفي بقتل المدنيين بل تعرضت الى منظمات دولية مثل الانروا وطواقم طبية ومسعفين وكذلك استهداف الطواقم الاعلامية ومنازل الصحافيين وذلك من اجل اخفاء جرائمهم وسلوكهم الوحشي عن الراي العام.

أما في 8 تشرين الاول دخلت المقاومة الاسلامية في لبنان كجبهة مساندة للشعب الفلسطيني باعتبار ان القضية الفلسطينية قضية عربية اسلامية، علما أن اسرائيل لم توفر يوما إلا وقامت بخرق الاجواء اللبنانية وسيادة لبنان علاوة على انها لا زالت تحتل قرى ومزارع لبنانية.

أدت أفعال العدو الإسرائيلي الإجرامية إلى تغيير نظرة الراي العام في مختلف دول العالم حيث إنتشرت المظاهرات الشعبية في دول عديدة بهدف الضغط على السلطات من أجل وقف هذا العدوان الوحشي. وفي تاريخ (29 كانون الاول 2023) تقدمت دولة جنوب افريقيا بدعوى الى محكمة العدل الدولية وطالبت بالوقف الفوري لاطلاق النار ومنع جريمة الابادة الجماعية وادخال المساعدات الى المدنيين الذين يواجهون المجاعة والامراض ايضا في تاريخ (26 كانون الثاني 2024) صدر قرار ملزم من محكمة العدل الدولية يفرض على العدو بالسماح بادخال المساعدات ومنع الابادة الجماعية. أما في 12 تشرين الاول 2023 فشل مجلس الامن الدولي باصدار قرار وقف اطلاق النار في غزة وبعدها فشل أيضا باصدار قرار ارسال بعثة تقصي حقائق وفشل مرة ثالثة في 20 شباط 2024 باصدار قرار هدنة انسانية فورية بعد مشروع القرار المقدم من الجزائر. وذلك كله بسبب الفيتو الاميركي الذي يستخدمه في كل مرة لدعم اسرائيل.

حتى هذه اللحظة جنازة العدالة في الشرق الاوسط مستمرة ولا يزال المجتمع الدولي عاجز عن محاسبة اسرائيل كما وان حرب غزة حفرت وصمة عار في القانون الدولي وخاصة القانون الدولي الانساني والمنظمات الدولية  حيث ان اسرائيل لم تلتزم بقرار محكمة العدل ولم يؤثر على سلوكها في منع دخول المساعدات الانسانية وارتكاب المجازر اليومية.

يصرخ ضميرنا الانساني ليقول أن لا سلام مع من لا يملك ذرة انسانية فمن منطقه القوة لن ينفع معه سوى القوة وكما يقول الشاعر عمر الفرّا :

جربت كل وعودهم     عبثا ترد لك المظالم

فالحق يؤخذ عنوة    لا بالوعود ولا المزاعم.

زينب حمادي