![]() |
تناقضات... الحياة والأشخاص |
لم أعد أشعر كما كنت سابقًا. أصبحت مختلفة تمامًا، كأنني أعيش في عالم لا يعنيني فيه أحد. لا أنكر أن هناك بقايا من الطيبة في قلبي، لكن الغضب والعصبية أصبحا جزءًا من يومياتي. أشعر أن الحياة ليست عادلة، وكأن كل شخص يحمل على عاتقه ألمًا أكبر من أن يُفهم.
ما يؤلم أكثر هو أننا جميعًا نتشارك هذا الألم، رغم اختلاف أشكاله. كل شخص يحمل جرحًا خاصًا به، لكنه بالنسبة له عالم كامل من المعاناة. أحيانًا أشعر أن العالم مليء بأشخاص قلوبهم طيبة، لكنهم يتصارعون من أجل أشياء فانية، أشياء لا تستحق الجهد .المبذول
الحياة مليئة بالأحداث والمشكلات، وهذه طبيعتها. لكن ما يثير دهشتي هو طبيعة
الإنسان نفسه. نحن كائنات أنانية بالفطرة، نبحث عن سعادتنا حتى لو كان ذلك على
حساب الآخرين. ورغم أن هذه الأنانية تُظهر جانبًا قاسيًا، إلا أنني أتعاطف مع هذا
النوع من الناس. فهم يعيشون وهمًا بأن السعادة تأتي من الامتلاك أو السيطرة،
متناسين أن هذه الدنيا زائلة.
ربما ما أشعر به هو مزيج من الغضب، الشفقة، والتفهم. أنا لست غاضبة على
الحياة فقط، بل على الطريقة التي يعيش بها الناس فيها. أشفق على أولئك الذين
يركضون خلف أوهام السعادة، وعلى من يعانون بصمت، وعلى من يحاولون أن يكونوا أقوياء
في عالم مليء بالضعف.
حتى أولئك الذين نطلق عليهم "مجرمين" أو "سجناء"، لا
أراهم مجرد أرقام بل أرى أغلبهم ضحايا لظروف قاسية وتجارب شكلت اختياراتهم. نحن لا
نولد أشرارًا، لكن الحياة بظروفها قد تدفع البعض إلى أفعال تتجاوز المنطق
والإنسانية. بدلًا من أن نحاكمهم علينا أن نفهم الأسباب التي دفعتهم إلى ما فعلوه
ونساعدهم على إعادة تأهيلهم، حيث يوجد من لم ينشئ بعائلة سليمة وهذا له أثر كبير
على تفكيره، تصرفاته وأُسلوبه. فالإنسان لا يختار أن يكون ظالمًا أو مذنبًا إلا
إذا كان يهرب من جراحه أو يتخبط في ألمه ليلجأ إلى القسوة والظلم متوقعاً أنه
سيشفي نفسه ويرتاح من جراحه ليتضح العكس.
